من غريب الامور أن الساحتين
العراقية والسورية كانتا مسرحاً مشتركاً للصراعات الدامية منذ فجر الإسلام
ولم يستقر لهما حال ولا للمنطقة
المحيطة بهما الا بعد أن تم تصفية الأوضاع
فيهما بالقوة الغاشمة وأنهار من الدم ، من
قبل أحد الأطراف المتنازعة وكما حدث عندما استقر الأمر لبني أمية وأنشأوا الخلافة الأموية
في دمشق عام 662 ميلادية وبني العباس عندما انشأوا دولة الخلافة العباسية في بغداد
عام 750 ميلادية وبعد إستقرار الأمر في
الساحة العراقية السورية في الحالتين تطورت الحياة المدنية والثقافية وتمتع
المواطن في ذلك الزمان بقدر وافر من الرفاه والأمان وساهم في رقي الحضارة
الانسانية .
في العصر الحديث اشترك العراقيون والسوريون في ثورة الشريف حسين في
مطلع القرن الماضي واشتركا في الملك
فيصل الأول . وإشتركا في البعث حين انتقل البعث من سوريا الى العراق في
النصف الثاني من القرن الماضي وحتى بداية القرن الحالي وتسبب بعض قادته في البلدين بكوارث ومجازر رهيبة للمواطنين ودمار للأملاك
العامة والخاصة . وفي السنوات الأخيرة ولحد تاريخه إشتركت سوريا والعراق في وحش العصر داعش ، حين نقلت داعش
خلافتها في عام 2014من الرقة السورية الى الموصل العراقية وتسببت في خراب شامل ومجازر رهيبة ومآسي للمواطنين في البلدين .
ويبدو أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد فلدينا مقاتلون عراقيون في
سوريا وهناك إمكانية أن يتورط العراق
الرسمي في القتال داخل سوريا الآن.
وفي الوقت الذي لا يمكن
للعراق ان يتحاشى خطر داعش على حدوده أو
يتغاضى عن ما يحدث لسوريا "فإسرائيل
تضرب وروسيا تضرب وتركيا تضرب وإيران تضرب" رغم كونه لا زال مثخنا بالجراح ، على المفكرين والقادة العراقيين
والسوريين أن يتمعنوا بهذه المتلازمة
الحتمية في الوضع العراقي السوري وأن يحيطوا بالأواني المستطرقة للدم والكوارث بين
البلدين ويعزلوا مغذياتها بترتيب عراقي سوري بحت يتعهد لمواطني سوريا قبل كل شيء بتحقيق حكم مدني
ديمقراطي لا مركزي فيها و يعمل على كامل
الساحة العراقية السورية من أجل تحشيد
الدعم العالمي والشعبي لإزاحة الطامعين
والغرباء .
No comments:
Post a Comment