عندما بدأ ترامب حملته الإنتخابية من خارج الحزبين
الكبيرين في أمريكا لم يتوقع له أحد أن يستمر طويلا بإتجاه هدفه وحتى عندما حصل على
دعم الحزب الجمهوري ووصوله للتصفيات النهائية مقابل هيليري كلينتون لم يكن الفوز متوقعا له .
بغض النظر عن المضمون السياسي والإقتصادي والإجتماعي
لحملته الإنتخابية فقد نجح ترامب على طريقته الخاصة في خلق تيار
مخلص جارف من القواعد الشعبية ودعم مصلحي من الحزب الجمهوري الذي كان قد خسر
الإنتخابات السابقة . ولم تنفع في تعطيل هذا الدعم دموع الغيد الحسان اللواتي
اتهمنه بالتحرش الجنسي وإعتراض الإقتصاديين والليبراليين على توجهاته الداخلية
والخارجية .
في رقصة الفوز بالرئاسة المعتادة أصر ترامب أن تكون هذه
الرقصة على أنغام أغنية فرانك سيناترا المشهورة I DID IT MY WAY (لقد فعلتها على طريقتي
) رغم إعتراض نانسي سيناترا إبنة المغني
التي لا تحب ترامب . الذي يلاحظ تسجيل لرقصة ترامب مع زوجته ملانيا بهذه المناسبة يرى
أن ترامب يشيح بخده جانبا عن زوجته لعدة مرات وبوجه معبر ليردد I DID IT MY WAY .
إستمر ترامب في الرئاسة قولا وفعلا وتغريدا على طريقته
الخاصة ولم ينفع معه العذل والإستغراب وحتى الإستهجان وكان حجمه وطوله ( متر و88
سم ) وشكله المتميز طاغيا على المحافل والمؤتمرات الى أن إصطدم برئيس مكتب التحقيقات الفدرالية
جيمس كومي الذي يبلغ طوله ( مترين و3 سم ) ويمتلك مستوى رفيع جدا من الفصاحة القانونية واللغوية
ورباطة الجأش .
لم يلفت هذا الإصطدام أنظار الإعلام العربي الذي كان
منشغلا بمبالغ العقود التي حصل عليها ترامب في السعودية وطلايب قطر وإرهاب داعش ومراقبة
طهران وغيرها . رغم أن الموضوع مثال حي لعمل دولة المؤسسات وكياسة الموظف المسلكي
/ التكنوقراط أمام رئيسه في دفاعه عن الأصول والنظام والقانون وقد تترتب عليه أمور أخرى تتعلق بإسقاط ترامب من
سدة الرئاسة .
حسب إفادة كومي الى لجنة مجلس الشيوخ ( بعد أن فصله ترامب من
وظيفته ) إن السيد ترامب كذب بشأن عمل كومي ومكتب التحقيقات الفدرالية وإن فصله
يتعلق بالتحقيقات بشأن تدخل روسيا . ثم قدم تفاصيل كل إجتماعاته ومكالماته
الهاتفية مع الرئيس ففي إجتماع دار في 14/2 قام ترامب بالطلب من الحضور تركه وحده
مع كومي وهناك طلب منه ان يترك موضوع مايك فلين مسشتار الأمن القومي الذي سبق وان
تم فصله لعلاقته بالروس ولكنه أي كومي لم يترك الموضوع كما ذكر أنه في 30 آذار دارت مكالمتين هاتفيتين مع الرئيس شكى
فيها الرئيس من أن التحقيقات بشأن روسيا أصبحت كغيمة على إدارته وطلب منه عمل ما
في وسعه لرفع هذه الغيمة .بالإضافة الى أن ترامب في مناسبات أخرى طلب منه الولاء
وكرر سؤاله إذا كان يرغب بالإستمرار في منصبه .
من جانبه أقر كومي بأنه ولعدم ثقته بالرئيس دون
الإتصالات معه بطريقة تتجنب وضعها ضمن
الوثائق السرية مما مكنه أن يفصح عنها
للإعلام بعد أن أصبح مواطنا عاديا لإعتقاده أن هذه الوثيقة ستفرض تعيين محقق خاص
حول عرقلة العدالة من قبل الرئيس .
وقد تم بالفعل تعيين محقق خاص بشأن محاولة الرئيس عرقلة
العدالة .
تجدر الإشارة الى أن بول رايان رئيس مجلس النواب
الأمريكي وفي معرض دفاعه عن الرئيس ترامب بعد شهادة كومي قال : إن الرئيس جديد على
عمله وجديد على العمل الحكومي وليس له عمق في الأصول التي تحدد العلاقة بين البيت
الأبيض ومكتب التحقيقات الفدرالية .
ويبدو لي أن على السيد بول رايان أن ينصح الرئيس مستقبلا
أن النتائج المترتبة على الهمس في أذن ملكة جمال تختلف تماما عن النتائج المترتبة
عن الهمس في أذن رئيس مكتب التحقيقات الفدرالية .!!
ترامب - كومي
No comments:
Post a Comment