Wednesday, June 14, 2017

جمهورية العراق وسوريا الإتحادية




 تحديث لمقالنا المنشور بتاريخ 14 /11 /  2015
كان الرأي السائد لدى الكثير من المحللين ومعاهد البحوث بأنه سوف لا يكون هناك دولة عراقية أو دولة  سورية وكان الإتجاه أن تفرض الدول الفاعلة سايكس بيكو جديدة على العراق وعلى سوريا حيث ستقسم الدولتان على أساس طائفي وقومي ورغم أن الوضع  خصوصا في العراق قد تغير مع انتصارات  القوات العراقية بكافة مسمياتها وصنوفها بحيث أصبح العراق ذاته من الدول الفاعلة القادرة على مقاومة أي محاولة لفرض ما لا يرغبه بقوة السلاح  ولكن آن الأوان أن يفكر العراقيون والسوريون في سر إرتباط مصائرهم منذ الأزل و ترتيب اوضاعهم على أساس إقتصادي وأمني منطقي يتلافى الوضع الهش الذي قاد الى أكبر مأساة في التاريخ الحديث لبشرهم وبناهم التحتية .

العراق

بالنسبة للتقسيم القومي في العراق فإن كورد العراق لهم إقليم يتمتع بصلاحيات واسعة ولكونهم يمتلكون المواصفات التي تؤهلهم أن يكونوا إقليما فدراليا أو حتى دولة حيث أنهم يشتركون في الغالب  في العرق  واللغة والدين والمذهب ولهم رقعة جغرافية مميزة وحيث أنهم يعرفون المصالح المشتركة الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية التي تربطهم بباقي جغرافية وبشر العراق وعليه يكون كل شيء ممكن إذا وضع الجميع مبدأ عيش وأمن وكرامة الإنسان أولا .
أما التقسيم الطائفي بين عرب العراق كأقاليم أو دويلات فإنه لو كان ممكنا بدون سفك دماء لأمكن قبوله على أساس أن الإنسان هو أغلى شيء يتوجب الحفاظ عليه ولكن المشكلة تكمن في التداخل الكبير  بين المناطق الشيعية والسنية فمن يتكلم بالتقسيم الطائفي  من الشيعة يرى حدوده من شمال سامراء حتى الفاو ومن يتكلم به من السنة يتكلم عن ستة محافظات أي أنه يدخل بغداد وديالى وكركوك ضمن حدوده .
من ناحية أخرى أن الأقاليم الطائفية العربية أو الدويلات  ليس لها مقومات كافية للوجود فالسنة والشيعة كانوا عربا قبل أن يكونوا مسلمين وكانوا مسلمين قبل أن يكونوا سنة وشيعة  وإن العشائر العربية الكبرى والتي يتواجد  أبناؤها في المدن والقرى والبوادي العراقية تتشكل من سنة وشيعة أي أن الإختلاف في المذهب غير كاف لتفرقة من  يشترك في العرق والدين واللغة والأرض و العراقيون يتزوجون من يحلو لهم من بنات العرب والكورد والتركمان  دون أن يكون المذهب عائقا ومن  أراد أن يفرق بين السنة والشيعة عليه أن يبدأ من غرف النوم كما قال  السيد أياد علاوي .
إن المستقبل المظلم الذي ستنتجه أقاليم أو دويلات السنة والشيعة في العراق ينشأ من أمرين لا يمكن تجاهلهما :
الأول : ان مناطق الشيعة والسنة متداخلة لايمكن قسمتها بالحوار وحتى حسن النية وإن حسمها بالقوة الغاشمة من قبل أحدهما لا يعني الاستقرار وانما يعيد مسلسل الأرض السليبة والبكاء على الاطلال والاستنجاد بالعرب والعجم وماخلفهما على أرضية بحور من الضحايا والنازحين .
 والثاني : إن من سيمسك بزمام الأمور في الاقليمين أو الدويلتين غلاة السنة وغلاة الشيعة أي أن داعش أو ما يماثلها ستعود من الشباك بعد أن نجحنا بإخراجها من الباب بتضحيات الشهداء وبسالة وصبر وجلد المقاتلين الأبطال وان نظيرتها في التفكير والخلق على الجانب الآخر ستكون بالتأكيد جاهزة للمنازلة حتى آخر سني وشيعي وملحد على أرض السواد .
وثمة أمر ثالث هام أفرزته المعركة وهو إختفاء الشعور الطائفي لدى أهالي المناطق المحررة بعد أن رأوا بالملموس التطبيق الحرفي لأوامر القائد العام بوضع سلامتهم أولا وقبل كل شيء  والتضحيات بالنفس من قبل المقاتلين من أجلهم .
ورابع أن القوات العراقية المقاتلة ذاقت  طعم النصر من خلال التنسيق والتخطيط الجيد من قيادة مقتدرة وشجاعة وأن من يريد أن يختفي العراق من الوجود  عليه أن يواجه الجيش العراقي وأبنائه من جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الإتحادية والحشد وقد صقلتهم المعارك التي لم تخضها قوات من قبلهم في التاريخ الحديث .
الحل للمشكلة العراقية موجود إن أراد العراقيون أن يرعوي حيث إن قانون المحافظات والدستور النافذ حاليا  لوطبقا بالكامل سوف لا تكون  هناك ضرورة لاقامة أقاليم مذهبية أو دويلات لأن المحافظة ستكون لها صلاحيات اقليم في الأمور التشريعية والمالية والادارية والقانونية وبامكان من يطلب السلطة أن يتسلط في محافظته ومن يطلب المال الحرام  أن يحصل عليه من عقود محافظته وينتهي في مكب نفاياتها . أما الحكومة الاتحادية فلها أن تحتفظ بقوة  بالوزارات والصلاحيات السيادية فقط وتكون لها قوات مركزية ضاربة  .

سوريا

لنعبر الى سوريا فالبنسبة للتقسيم القومي هناك الكورد بمقومات مشابهة لكورد العراق ولكن بدون اقليم أو اعتراف بالحقوق حتى الآن .
وأما بالنسبة للتقسيم الطائفي فهناك السنة وهم الغالبية فإقليمهم أو دويلتهم  سيحيط بها اقليم أو دويلة الكورد من جانب و ستكون دويلة او اقليم الشيعة (العلويون ) بينهم وبين البحر وهم بطبيعة الحال لن يقبلو بذلك وان ارغمو سنعود الى مسلل المناحة والارض السليبة وستدعوا هذه الأقاليم أو الدويلات نظرائهم في العرق أو المذهب ومن خلفهما للمساعدة وستطلع الشمس يوما ما على أرض خالية من السكان أحرقها أهلها   
الحل هو كما في العراق سوريا اتحادية باقليم كوردي أو حسب ما يختاره الكورد  ومحافظات عربية  لها صلاحيات إقليم في الأمور التشريعية والمالية والادارية والقانونية مع  إحتفاظ المركز بالوزارات والصلاحيات السيادية فقط  و قوات مركزية ضاربة .

الحل الخيالي الأمثل

العراق الاتحادي وسوريا الاتحادية هو الحل إذا  ولكن تبقى هناك مشكلة مؤرقة في كل من  البلدين تتمثل بإستمرار  الشعور بالمظلومية من قبل الشيعة على مر العصور وتوظيف هذا الشعور والخوف من قبل الاسلام السياسي الشيعي للشحن الطائفي والشعور بالتهميش من قبل السنة وتوظيف هذا الشعور والخوف من قبل الاسلام السياسي السني للشحن الطائفي  في العراق والعكس في سوريا مما سيبقي البلدين عرضة للإساءة الى نفسيهما وعرضة لاستغلال الجيران لهذا الضعف نتيجة عدم التوازن بين الطائفتين وعرضة لنفوذ الطامعين من خلال هذا الشرخ وتوسيعه .
من غريب الامور أن مصير العراق قد إقترن بمصير سوريا وبالعكس في التأريخ العربي الاسلامي منذ فجر الاسلام وكان حسم الأمور فيهما ظلما أو عدلا  مفتاحا لإستقرار المنطقة بأسرها وانطلاقها في الفتوحات أو الغزوات  (الغير مسموح  بها الآن ) والتقدم الثقافي والحضاري وكما حدث في الخلافتين الأموية والعباسية و في العصر الحديث اشترك العراقيون والسوريون في الملك فيصل الأول مطلع القرن الماضي  واليعث في نصفه الثاني وداعش في ا لقرن الحالي والحبل على الجرار .
ومن غريب الأمور أيضا  أن يتزامن قتل وتهجير مواطني البلدين  ودمار بنيتيهما التحتية في هذا الزمان. ومن غريب المصادفات انك لو جمعت سنة العراق الى سنة سوريا وشيعة العراق الى شيعة سوريا لخرجت برقم 22 – 23 مليون لكل منهما أي مناصفة في مجموع نفوس المسلمين في البلدين  ولو نظرت الى خارطة العراق مع خارطة سوريا لرأيت بلدا يمتد من البحر الابيض الى الخليج العربي يتحكم بمنافذ تصدير ثرواته الطبيعية  وتجارته ومياهه  وشعبا متقارب الثقافة  والظروف والأعراق .
وعليه على العراقيين والسوريين أن يفكروا في مرحلة ما بتضميد الجراح وقبر الطائفية الى الأبد من خلال بلد متوازن طائفيا تماما  ومتماثل بالشركاء من الأديان والقوميات الأخرى بإمكانه لجم التدخلات الخارجية من خلال دولة قوية وجيش قوي يهابه الاعداء والجيران الطامعين و هوية مواطنة واحدة يحكم فيها الناس أنفسهم من خلال محافظات مستقلة ذاتيا بدون مظلومية أو تهميش وخيرات من نفط وغاز وفوسفات وكبريت وغيرها  تصدر من أقرب المنافذ اليها على البحر الأبيض  أو الخليج العربي  وإستيرادات من أقرب المواني اليها .
إن ما تقدم سيعود بالرفاه والأمان ورد الإعتبار للمواطن العراقي والسوري ويخدم الإستقرار في المنطقة  بعد طول قتل وتهجير وتدمير  ويمكن أن يتحقق  من خلال قيام جمهورية العراق وسوريا الإتحادية المدنية.

العراق - سوريا - السنة -الشيعة - الكورد


No comments:

Post a Comment

صفقة القرن ة وعظمة القصاب

في أوائل القرن الماضي كان حلاق المحلّة يقوم بأعمال الطبيب إضافة الى وظيفته. ذات يوم أصيبت عين قصاب المحلة بجزيئة فُتات عظمة إستقرت ف...