Monday, March 12, 2018

أيام العز في شركة النفط الوطنية العراقية








قسم الإستيراد في شركة النفط الوطنية العراقية عام 1975 
الخامس من اليمين بقميص وشوارب وكرفش هو أنا 

أعاد تشريع قانون شركة النفط الوطنية العراقية الى الذاكرة أيام العمل في شركة النفط الوطنية العراقية الأولى ( INOC  ) قبل أكثر من أربعة عقود من الزمان .

إلتحقت بقسم الإستيراد في دائرة الإستيراد والمشتريات المحلية في مركز الشركة الكائن  قرب ساحة الخلاني بعد عودتي من سنين دراسة  وعمل طويلة . لم يختلف علي جو العمل في الشركة عن جوعملي السابق في إحدى كبريات الشركات البريطانية في لندن . الكل متحفز للعمل ,الكل واثق من نفسه , الكل يتعامل وكأن الشركة ملكه الخاص . جو العمل الإيجابي هذا خلقه الكادر العائد الى العمل في الوطن من طلبة بعثات المرحومين حكومة المملكة والمرحومين حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم وبعض الكوادر العراقية من الشركات الأجنبية المؤممة .

حققت  INOC   نتائج باهرة في الاستكشاف والحفر والإنتاج والتسويق حيث قارب الإنتاج قبل الحرب العراقية الإيرانية الأربعة إلّاربع مليون برميل يوميا . وحققت الشركة سمعة ذهبية بين شركات العالم المتعاملة معها .

 وقدر تعلق الأمر بسمعة الشركة ومكانتها  ، أخبرني مدير مشرياتنا في ميسان  ان أنابيب ألتبطين ( Casing Pipes  )أوشكت ان تنفذ مما قد يترتب عليه توقف عمليات الحفر في حقل البزركان وان الشركة اليابانية المجهزة  ماروبيني قد تأخرت في التجهيز .
قمت من جانبي بتحرير تلكس الى ماروبيني قلت فيها ان فقرة التجهيز فقرة جوهرية في العقد وعليه فان الاخلال بها يشكل خرق جسيم لشروط العقد وبناء عليه نحملهم الخسائر المباشرة والخسائر العرضية  التي ستترتب على  اخلالهم في العقد .
ويبدو ان برقيتنا ذهبت الى اليابان وعادت الى بغداد في نفس اليوم مع حل للموضوع حيث حضر في اليوم الثاني الى مقر شركة النفط الوطنية في ساحة الخلاني ببغداد مدير فرع شركة ماروبيني في بغداد وطلب مقابلتي .
كان المدير ياباني مرتب بقاط ورباط وجنطة دبلوماسية وطلة رشيقة بقامة قصيرة وبعد المصافحة جلس بكل أدب وقال :
أبلغني مقر الشركة في اليابان فحوى برقيتكم المرسلة لهم وعبروا عن أسفهم لتأخر الشحن واستفسر فيما اذا كنا على استعداد  بتعديل برقيتنا وحذف عبارة الاضرار المباشرة و  العرضية المترتبة على تأخير التجهيز اذا هم اتخذوا  إجراءاً  يضمن سد الفراغ في التجهيز الناجم عن التأخير البسيط في الشحن   .
استغربت بعض الشيء من هذا الطرح لان الانابيب التي يبلغ قطرها 13 و 8 / 5 انجا وطولها 12 مترا يجب ان تأتي عن طريق البحر وان الرحلة البحرية مع التحميل والتفريغ تتجاوز الشهر  فهل يا ترى ان لديهم خزين من هذه الانابيب في دولة مجاورة أم ماذا.... ؟
قلت له:  لايمكن ان اعدل في البرقية لانها كتبت بمعرفة الدائرة القانونية ونائب رئيس شركة النفط الوطنية العراقية(الحقيقة انها لم تعرض على احد سوى رئيس الدائرة لتوقيع نسخة الدائرة منها)  وعلى أية حال نحن لانعرف الخسائر التي ترتبت فعلا أو ستترتب على التأخير  ، ولكن أخبرني ما أنتم فاعلون ؟.
قال : لقد وجدنا طائرة في أمستردام تصلح لنقل كمية من هذه الانابيب وهذا سيمكنكم من الاستمرار في عمليات الحفر والتبطين حتى وصول الباخرة المحملة بالاناببب والتي هي في طريقها اليكم  .
قلت له: ابعث لي برقية بالتفاصيل .
جاءت برقيتهم تقول انهم استأجروا طائرة متخصصة ،  ستطير من أمستردام الى سنغافورة حيث يتواجد خزين من هذه الانابيب لديهم هناك وستحمل الطائرة بهذه الانابيب وتتجه الى بغداد  .
وبعد يومين دخل علي مدير الاخراج وقال ماذا افعل لقد هبطت طائرة محملة بأنابيب ضخمة في مطار بغداد وليس لدي الوسائل لتفريغها ونقلها ؟ .
قلت له : عليك ان تتدبر الامر فحقل البزركان على وشك التوقف وان توقف سيشوون على آذاننا البصل.

ذات مرة إختفت مادة الصودا الكاوية الداخلة في عمليات الحفر من الأسواق  ولم يكن ممكنا الحصول عليها بأي سعر تقريبا  و تلكأ مجهزنا البولندي في التجهيز  وإزاء هذا الوضع خطرت لي فكرة أن أكتب الى ICI  ( Imperial Chemical Industries  ) البريطانية برقية قلت فيها : أنا مدير الإستيراد في شركة النفط الوطنية العراقية  ، أنا في مأزق لقد نضبت لدي مادة الكوستك صودا أرجو تزويدنا بأية كمية ممكنة وبالسعر الذي ترونه مناسبا شاكرين لكم مقدما تعاونكم معنا .
وبعد يوم جاء الرد مستعدون لتزويدكم بـ 300 طن من الصودا الكاوية وبالأسعار التي سبقت الزيادة بسسب الشحة .(إستهلاك الكوستك صودا بمئات الأطنان وليس بآلاف الأطنان كما في أطيان الحفر) .

وذات مرة  جائني أحد الموظفين ليقول أن المجهز الفلاني يطلب تثبيت الإعتماد وكنا في حينه نفتح إعتمادات غير مثبتة إستنادا الى سمعة الشركة وسمعة الجهاز المصرفي العراقي .
قلت له : هات برقيته  لأُرَزّله  .
وبعد الرزالة جاء الإعتذار وقبول إعتمادنا غير المثبت .




No comments:

Post a Comment

صفقة القرن ة وعظمة القصاب

في أوائل القرن الماضي كان حلاق المحلّة يقوم بأعمال الطبيب إضافة الى وظيفته. ذات يوم أصيبت عين قصاب المحلة بجزيئة فُتات عظمة إستقرت ف...