كان الله في
عون العقل العراقي الذي أنهكته ولخبطته وروعته أحداث العراق الكارثية من قتل الملك
الصغير وسحل جثة رئيس الوزراء نوري السعيد
في شوارع بغداد الى مذابح الحرس القومي
الى الحرب العراقية الإيرانية ومجزرة حلبجة
الى حرب غزو الكويت و الانتفاضة الشعبانية
والمقابر الجماعية الى الحصار والمجاعة الى إزاحة نظام صدام والحرب الطائفية وأخيرا هجوم
وحوش داعش .
إن من ينظر
الى أحداث العراق من الخارج يُعذر إن تصور أن العراقيين مجموعة أشرار سجنهم الثنائي سايكس وبيكو في قمقم .
في الواقع أن الطبيعة البشرية واحدة والتصرف الإنساني
واحد لكل المجموعات البشرية التي تعيش في
ظروف متطابقة ومن يتصفح نمط تصرف البشر في
ظل الدكتاتوريات في العالم رؤساءً وشعوبا يرى أنها متطابقة حتى في أدق التفاصيل رغم التباعد بينها بآلاف الكيلومترات مكاناً وعشرات السنين زماناً واختلاف
القومية والدين .
العقل
العراقي الذي دمره استغلال الموروث الديني
والمذهبي والعنصري من قبل الطامعين في السلطة والمال والجاه وخيار الجماهير في
إستمراء خيار التبعية والخنوع قد عولج الى درجة ما بالصدمة من خلال همجية وقساوة أفعال
داعش و المعارك البطولية التي خاضتها القوات المسلحة بكل صنوفها قولا وفعلا تحت شعار المواطن (الانسان ) أولا حيث عالجت
المعركة الكثير من الأدران الطائفية والعنصرية في عقول المقاتلين والمواطنين في آن
واحد .
كذلك كان ما
حدث في السنوات الأخيرة الماضية ويحدث الآن تحت أنظار العراقيين علاجاً لعقولهم والذي يتمثل
بإختيار بني وطنهم والشرق الأوسط عموما الهجرة الشرعية الى خارج هذه البلدان وبعضهم الهجرة
غير الشرعية التي يتجشمون فيها المخاطرة العالية جدا بحياتهم وأزواجهم وأطفالهم بالغرق في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط وحت المحيطات
البعيدة دون أن يبقيهم الدفاع عن الدين الذي يتعصبون له والمذهب الذي يتعصبون له والعنصر
الذي يتعصبون له في أماكنهم لنصرته وفق ما كانوا يدعون .
للأسف
الشديد وبعد تحقيق النصر الأسطوري على داعش عادت عناكب المستغلين للعصبية بنسج
فخاخها للبسطاء وعادت بعض العقول الى إجترار التأريخ المزيف المأزوم وبات ما تحقق
من إدراك لحقائق الأمور في خطر أن يتبخر تدريجيا مع الزمن .
قرأت لبعضهم
أن أجهزة الحاسوب بأنواعها قد تعتريها مشكلة لا يمكن حلها أو فايروس يصعب مسحه مما
يتطلب أن يعطى للجهاز أمراً بمسح كل شيء من الفايروسات والبرامج والمخزونات ليعود
نظيفا نشطا جاهزا لإستقبال البرامج الجديدة المفيدة .
ليجلس
الجميع منا في جمعة مباركة كهذه ويختلي بنفسه ويفتش في خلايا عقله عن نزعات الحقد
الطائفي والديني والعرقي ويستعين للدلالة بأي انزعاج أو توتر غير طبيعي أو تحفز
للشر يحس به عندما يسأل عقله الأسئلة التالية على سبيل المثال لا الحصر : هل تحب
الكوردي ؟ هل تحب العربي ؟ هل تحب التوركماني والمسيحي والشبكي واليزيدي ؟ هل تحب
السني ؟ هل تحب الشيعي ... الخ .
وإذا شعر
بتململ غير إيجابي فله أن يتوكل على الله ويعطي أمر الفرمتة .
ويعود بعد
جمعتين من اليوم ليجري الفحص ذاته فإن تبين له أن الفرمتة نجحت حقاً يدخل برنامج جديد الى
عقله مقاسه الحب ومقاس من سيتبعه من السياسيين رجاحة العقل ووضع سلامة ومعيشة
وحرية الإنسان في كل بقعة من بلدنا فوق كل
اعتبار .
No comments:
Post a Comment