Saturday, November 11, 2017

على خدمة جلالتها

 


On Her Majesty's Service O.H.M.S

في أوائل السبعينات كنت أعمل مساعد بحوث لشركة Mercantile Leasing التابعة لشركة  Mercantile Credit  ثاني أكبر البيوتات المالية في لندن آنذاك وكان عمل الشركة تمويل تأجيري حيث تقوم بناءاً على إتفاق مسبق مع الزبون بشراء مايريده من معدات ثقيلة وخطوط إنتاج ومعامل وطائرات بإسمها  ومن ثم إيجارها له  بأقساط شهرية حيث تستفيد الشركة من نسبة الإندثار العالية التي قد تصل الى 100 بالمائة كغطاء للضرائب العالية على أرباح الشركة الأم من فعالياتها التمويلية الأخرى ويستفيد الزبون بقدر من هذا الحافز بصيغة أقساط إيجار متهاودة

كان عملي هو تحديد الأقساط الشهرية المطلوبة بواسطة الكومبيوتر وكانت الكومبيوتر (الحاسوب ) في ذلك الزمان  تشغل طابق مبرد كامل يجلس عند باب قاعتها المشغل الذي يستلم الطلبات على خدماتها وبالنسبة لي كنت أقدم له إستمارة فيها المبالغ والإندثار والضريبة والمدة وغيرها ليسلمني فيما بعد جدول الإيجارات لها  . وكان عملي الآخر هو تحليل عروض المنافسة المقدمة للزبائن من شركات التمويل الأخرى وبيان الرأي فيها ومقاربات التحرك على منافستها .

إرتأى البنك المركزي ( The Bank of England ) أن يجري تبادل معلومات بين موظفيه الشباب وموظفي البيوتات المالية في لندن لأغراض تطوير الكوادر فوجه دعوة الى الشركة التي أعمل فيها لإرسال موظف منها الى البنك لهذا الغرض و كانت دهشتي كبيرة  عندما وقع علي الخيار وكلفت بالذهاب الى البنك .

لبست قاط رجال المصارف الأسود المخطط بالأبيض الناعم  وذهبت الى البنك المركزي . 
كان في إستقبالي عند الإستعلامات شابان ظريفان بيتر وأندرو حيث أخذاني الى غرفة إجتماعات فيها عدد من موظفي البنك وبعد التقديم قمت بشرح أعمال شركتي والشركة الأم في مجال التمويل بعدها جرى نقاش وأسئلة وأجوبة حول التمويل وفعاليات البنك المركزي بهذا الصدد . بعد إستراحة قصيرة أخذني الشابان في جولة  حول  أقسام البنك  المختلفة حتى حلت الظهيرة .
قال لي بيتر هل  لك أن تأتي معنا لتناول بعض الطعام خارج البنك ؟
بعد التفكير برهة بما في جيبي من نقود توصلت الى أنها تكفي لثلاثة سندويجات (شطائر ) فأجبت : نعم هيا بنا .

أخذني الإثنان الى مطعم عريق يبدو أنه كان موجودا من أيام تشارلز ديكنز قرب ثردنيدل ستريت وبعد أن جلسنا بدأ الشابان بطلب أطايب الأكل التقليدي مع الواين المعتق والويسكي الإسكتلندي الفاخر ..
استوقفت النادل وقلت لهم : مهلا ياشباب نحن لا نحتاج لكل هذا ربما سندويجات وشيئا من الجعة إن أردتم .

ضحك ديفيد وقال :
لا تقلق عبدالهادي كل  شيء على  خدمة جلالتها On Her Majesty's Service
وهذا يعني عند الإنكليز بعبارة أخرى على حساب الحكومة .

تنفست الصعداء وصرفت النادل وقلت مازحاً :  يا شباب  رجاءاً أطلبو كل ما تشتهون .

  

No comments:

Post a Comment

صفقة القرن ة وعظمة القصاب

في أوائل القرن الماضي كان حلاق المحلّة يقوم بأعمال الطبيب إضافة الى وظيفته. ذات يوم أصيبت عين قصاب المحلة بجزيئة فُتات عظمة إستقرت ف...