عندما عدت من لندن عام 1974 بقيت في البيت لعدة أيام
أستقبل الزوار المهنئين بالعودة أو اللائمين همسا بالأذن عليها . وحيث أن السفر في ذلك الزمان كان غير معتاد
بسبب شحة المال أو صعوبة إستحصال الموافقات عدا زيارات العلاج ، كانت
زيارات الأقارب والأصدقاء والجيران لي غالبا
ما تكون شبه إستجواب عن كل شيء وكان بعضها يقتضي المراوغة مثل صدى إنجازات "القيادة
الرشيدة" وتصور السائلين أن العالم لا شاغل له سوى أخبار القيادة ، المناخ ،
الحياة الإجتماعية ، حياة الشباب والشابات ...الخ.
كان هناك سؤال
يتكرر من قبل كبار السن في المنطقة : هل
صحيح أن لدى الإنكليز كلاب بوليسية تجوب شوارع لندن وتخابر الشرطة عند وقوع حادثة مرورية أو إجرامية ؟
وكنت بالطبع
أجيب بالنفي وأخيرا أضطررت أن أسال من أخبركم بذلك ؟
قالوا : الحاج (عليوي ) عندما رافق الحاج كاظم لإجراء عملية في لندن جلس يحدثنا عن الحياة هناك
وأغرب ما حدثنا به هو عن هذه الكلاب .
وأخيرا جاء الحاج عليوي لزيارتي ويبدو أنه لكثرة ماردد
القصة صدقها.
حيث قال لي : عندما كنت في لندن شهدت حادثة دهس ورأيت كلبا
بوليسيا يركض الى التلفون العمومي ليتصل
بالشرطة والإسعاف الذين حضروا على الفور .
قلت : حجي هل كنت تقضي الوقت كله في المستشفى ؟
قال : لا
قلت: وماذا كنت تفعل خارج المستشفى ؟
قال : تعرف عمي الخرجية قليلة . كنت أقضي كل الوقت أتشمس في الحديقة العامة القريبة .
قلت : وتفكر بماذا ستحدث أصحابك في القهوة عند العودة .
شعر الرجل بالحرج ثم قال : والله ياعمي إذا تريد الصحيح آني ما شفت بعيني
بس أكو واحد هم كان عنده مريض سولفلياها .
في هذا الزمان التي كثرت فيه الأسفار والفضائيات
والتقارير الموثقة والبث الحي ، شغلة الكذب الأسود عيني عينك لا زالت على قدم وساق ... رحم
الله حجي عليوي على الكذبة البيضة .
No comments:
Post a Comment