بمناسبة ما أثير من لغط حول زيارة
سماحة السيد مقتدى الصدر للسعودية نحدث ما نشرناه في 27/10/2015 حول ساسة العراق
والعلاقة مع إيران والسعودية .
حلم العراقييون في الأيام القليلة
التي تلت يوم تغيير النظام في 2003 بأن الحرية والديمقراطية و حقوق الانسان التي أدت الى تحضر وإستقرار ورفاهية أكثر شعوب
العالم تقدما قد دانت قطوفها وان وقت الذهاب حشودا جرارة بوجوه مستبشرة زيفا الى
صناديق الإقتراع للتصويت للقائد الضرورة أو مجلسه الوطني قد ولى الى الأبد .
ولكن كان من سخريات القدر إن أول من
عاد من العراقيين المتحزبين من الخارج كان السياسيون الإسلامويون وإن أول ماأدركه
بعضهم بعد العودة الميمونة هو أن
مجموعاتهم لا تستطيع سوق الناس البسطاء الى صناديق الإقتراع (أيقونة الديمقراطية) كما فعل القائد الضرورة "عبد الله المؤمن" ، دون شحنهم بالبغضاء على المذهب الآخر لظلم حدث
من بعضهم في الماضي القريب أو حقد ترتب على حكايات التأريخ البعيد أو تهميش وحرمان
واقع أو مفتعل حصل في الوقت الذي نعيش فيه و من هنا بدأت مسرحية الكتل الشيعية
والكتل السنية إن قالوا أسود تقول أبيض وإن خير من يدافع عن المذهب هو
من يجعل الأسود أبيض .
وهذا يعني أن ساسة العراق قد إكتشفوا سر البقاء وتفوقوا على "عبدالله
المؤمن" في أنهم لا يخافون من نقد أولوم علني كما خاف هو لأنهم وجدوا طريقة شرعية وقانونية للإلتفاف على
صندوق الإقتراع وأشغلوا البسطاء بمناكفاتهم
وعرقلاتهم للقوانين المفيدة للناس .
ومن سوء حظ الشعب إستفاد السياسيون الإسلامويون من موقع العراق الذي يتوسط إيران في الشرق والسعودية في الغرب قطبي التشيع
والتسنن "لأغراض مصلحية دنيوية يعرفها القائمون على حكم البلدين" وقاموا بتشجيع هذين البلدين وتوابعهما من اللاعبين الصغار على
التدخل في الشأن العراقي.
في هذه الجلبة فات عامة العراقيين حقيقة
أن الناس على دين ملوكهم وحقيقة أن إسماعيل الصفوي غير إيران بحد السيف من سنية
الى شيعية وإن صلاح الدين هو الآخر غير مصر بحد السيف من شيعية الى سنية وأن هنري الثامن
من أجل طلاق زوجته والزواج بوصيفتها غير انكلترا من كاثوليكية الى بروتستانتية.
ان مصلحة المواطن العراقي اليوم تقتضي
علاقة جيرة جيدة وتبادل تجاري واحترام حقوق مع الايرانيين ومن مصلحته أن لا تعكر
أي فئة لدواعي أنانية العلاقة معهم فنحن
شركاء لهم في الدين والمنطقة أما التشنج منهم لكونهم شيعة فإن ايران كما أسلفنا كانت
سنية قبل أن تكون شيعية وكان أبرز علماء
السنة الذين نجلَهم اليوم ايرانيون وأما إذا كان مصدر التشنج لأنهم فرسا وليسوا
عربا فإن من يحكم إيران اليوم هم عرب فمن
يعتمر العمامة السوداء وينتسب حقا الى آل البيت لا يمكن أن يكون إلا عربي الأب .
من جانب آخر إن مصلحة المواطن العراقي تقتضي علاقة جيرة حسنة
وتبادل تجاري واحترام حقوق مع السعويين ومن مصلحته أن لا تعكر أي فئة لدواعي
أنانية العلاقة معهم أيضا ، فنحن شركاء لهم في الدين والأصل والمنطقة وأهل الجزيرة أهلنا وكل
ما يقال أن بعضنا جاء من هنا أو هناك هراء لأن الثابت أن العراق حتى الجبال الرواسي
في شرقه وشماله كان بحرا وعندما تكون
السهل كان مفتوحا على الجزيرة وأن الجزيرة العربية كانت صندوق تفريخ للأقوام التي
إستوطنت العراق فكانت بعد أن تفقس ويشتد أزرها لا تجد ما تأكله في تلك
الصحراء فما أمامها الا أرض السواد التي إنحسر عنها البحر فجاؤها فرادا وجماعات وجحافل
تحت مختلف المسميات والأسباب والذرائع والأزمان .
الغريب بالأمر أن بعض العراقيين
وبضمنهم كتاب ومثقفون يصيبهم المس والجنون عند حدوث أي تقارب مكشوف مع إيران أو
السعودية من قبل الحكومة أو أية جهة عراقية ويبدوا أن هذا ناشيء عن الشحن الطائفي من
المستفيدين من إستعداء أي من الدولتين ومن تبعيتهم للأسياد فيهما أو لحقد تراكم لا
يفهموه .
إن الحقيقة الثابتة التي لا يمكن
تغييرها وهي أن الإيرانيين جيران وأن السعوديين جيران وأولاد عم حتى وإن بدلوا
دينهم أو مذهبهم أو حكامهم وأن مصالح
هاتين الدولتين كما يراها حكامها تعلو على الإنتماءات الفرعية وعليه لنضع مصلحة
العراق فوق انتماءاتنا في التعامل مع هذين
الجارين دون وجل فنحن نعيش حرية الرأي وحقوق الإنسان رغم بعض القصور ونحن من دحر
الإرهاب وبفضل أولادنا المضحين الأبطال لم نعد حائط نصيص وأبوكم الله يرحمه .
No comments:
Post a Comment