خلال عمليات تحرير الرمادي استوقفني
أحد التقارير الحربية المعروضة في التلفزيون من الرمادي ، حيث ظهر فيه أحد القادة
العسكريين الميدانيين الكبار ليقول
للمراسل بعفوية أنه أوقف هجوم قواته على الدواعش عندما إكتشف أن هناك عوائل محصورة
في طريق تقدمها وإنه سيستأنف التقدم بعد
تأمين إخلاء هذه العوائل
عندها أيقنت أن النصر قادم لأن
العراق قد أفرز قادة لا يستعجلون النصر
على أشلاء الأبرياء من مواطنيهم ويقدمون سلامة المواطن على حصاد الأمجاد لشخصهم .
وفي معارك تحرير الموصل تجسد بصورة لا تقبل الشك إيمان القادة الميدانيين
بوضع سلامة المواطن العراقي فوق كل إعتبار ووثقت القنوات الفضائية المحلية والأجنبية مروءة وإيثار قادة و جنود
جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الإتحادية والحشد الشعبي والجيش العراقي الذين آثروا سلامة المواطن على سلامتهم وتقاسموا
قوتهم ومائهم وأدويتهم مع المواطن الناجي لتوه من جحيم داعش .
كان المحرك الأساسي لإقدام
المقاتلين في الحروب منذ قديم الزمان
والذي بعثت الروح فيه مجددا داعش في هذا الزمان هو الطمع في الجنس (السبايا)
والمال ( النهب ) واطلاق الغرائز الحيوانية التي نجحت الحضارة البشرية في كبتها عبر العصور , وقد برع الدهاة المستفيدون من الغزوات والحروب
منذ الأزل في اختراع المبرارات والشعارات لسوق
المغفلين من المساكين الطامعين في الجنس والمال والمنحرفين المتعطشين لسفك الدماء وإذلال البشر الى أتون المحارق وهم
يرقصون على أكتاف الموت مغتبطين جذلين.
ومع بزوغ عصر النكبات كان المخدر الأساسي بالنسبة
للعراقيين بلع حبة نسب
كل نصر الى الأجنبي ونسب كل خيبة وكارثة الى الأجانب أيضا وبهذا يقتل العراقي في
نفسه كل بارقة أمل تسلبه التلذذ بالكآبة
المستدامة التي يعيش فيها وتحرمه طعم المبيت
حانقا مظلوما .
الآن وبعد تحرير المواصل وقرب أفول
نجم داعش تحركت الطبقات السياسية والجهات المستفيدة
من التخلف والسادية وتحقير الذات وضيق "العين"
والإنفلات الأمني لتضليل أبناء الشعب عن
المكسب العراقي الأكبر المتمثل في عودة روح المواطنة الذي إنتزعه المقاتلون في أرض
المعركة من خلال تقديم سلامة المواطن على سلامتهم وتجسيد حقوق الإنسان تحت خط
النار إضافة الى أبعاد النصر المتحقق عسكريا وسياسيا وإنعكاساته المحتملة في إعمار
البلاد .
في ليل سهاد النازحين من الجوع
والبرد والحر في خيام النزوح وفي ليل سهاد الفقراء في الأكواخ ومدن الصفيح والمباني المدمرة في طول ارض العراق وعرضها آن
الأوان أن نترك بذرة الوطنية والإنسانية تنمو في قلوب العراقيين جميعا لتنتج للغلابة
عراق الأمان والإحسان وحقوق الإنسان .
تقول أساطير الأولين أن طائر
العنقاء الجديد يولد من رماد طائر العنقاء المحترق والعراق الجديد ممكن أن يولد من
رماد العراق الذي إحترق .
No comments:
Post a Comment