-- وردني هذا الصباح من أحد الأصدقاء عبر
المسنجر فيديو يظهر فيه السيد حيدر الملا يقسم بالله العظيم أن كل الطبقة السياسية
وهو في مقدمتهم مرتبين أوضاعهم وأوضاع عوائلهم وإذا صار ما صار إبن الخايبة من يقع
بيها .
تليه السيدة حنان الفتلاوي وهي تقول تقاسمنا
الكعكة وكل واحد فرح بيها عقود ومناقصات وكوميشنات .
يليها السيد مشعان الجبوري وهو يردد كلتنا
نبوك كلتنا ناخذ رشوة اللابس عقال واللابس عمامة والأفندي .
-- بالأمس كنت في نقاش مستفيض على صفحة الأستاذ
الدكتور مظفر خزعل الفلوجي معه ونخبة من
أصدقائه حول التعب من الديمقراطية وأفضلية الدكتاوتور العادل .
-- قبل أقل من أسبوع إشتركت في الإجابة على سؤال في إحدى
المنتديات العالمية حول إستبداد الأكثرية والديمقراطية ومسوغات الجنوح نحو حكم
الأقلية الديكتاتورية .
-- قبل ثلاثة أيام تقريبا وبينما كنت أبحث في الفضائيات عن المسلسلات التركية التي حرمتنا الـMBC منها وخصوصا السلطانة قسم ظهر لي بدلاً عنها السيد حسن نصر الله على كامل شاشة قناة الجديد
اللبنانية وهو يشتكي أن في لبنان (التي تخوض إنتخابات الآن ) قسّموا حتى الأنهار
فهذا نهر شيعي وهذا نهر سني وذاك مسيحي وأعرب عن ضنه بأن سبب عدم قيام لبنان بالتنقيب عن النفط
والغاز على اليابسة هو الخوف من أن تكون الآبار في منطقة الشيعة أو السنة أو
المسيح ومخاوفه من تقسيم الآبار في البحر بين السنة والشيعة والمسيح ......
كانت ألام الورك وكرشة الرجل لا تطاق عندي
هذا الصباح من عرق النسا إلـ ما يُنتسى ولكن الفيديو وباقي الامور أعلاه أجبرني أن
أمتشق حزام الفقرات لأدرز به ظهري وأسحب اللابتوب وأعود الى بعض المفارقات الطريفة التي عشتها مع الديمقراطية والدكتاتورية قبل
العودة الى صلب الموضوع .
ـــ في
الستينات كنا في جامعة نيوكاسل كطلبة
منقسمين في جمعيتين : الجمعية العربية (قوميون وناصريون ) والجمعية العراقية
(شيوعيون ) ولكن كنا متحدين ومتحمسين الى حد التضحية بكل شيء ضد الدول الديمقراطية.
وذات يوم إتفقنا على إرباك محاضرة لوزير
الخارجية البريطاني في الجامعة من خلال مقاطعته بالتهم والصراخ ضد بريطانيا وتم التنفيذ رغم إحتجاج بعض الحضور من الانكليز
والأجانب لرغبتهم في سماع ما يقول .
والسؤال : ما ذا لوكنا فعلنا ما يماثل ذلك في
جامعة القاهرة وجامعة موسكو في ستينات ذلك الزمان ؟؟؟؟ والجواب : لكان محدثكم وزملاؤه في خبر كان !!
ــ في النصف الاول من السبعينات كنت أعمل في
لندن بوظيفة جيدة وراتب جيد وبيت ملك (عقاري) وكانت مستورة والحمد لله . الإذاعة والتلفزة
البريطانية وحديث الزملاء في العمل طيَّن
عيشتي .. إرتفاع البطالة ... إرتفاع كلفة المعيشة .. تراجع بريطانيا على المستوى
الدولي .... إلخ . لم أصفن وأسأل نفسي أن
نسبة الارتفاع هذه والتي كانت أقل أو أكثر
من 1 % بقليل تعتبر زلاطة بالنسبة للدول الأخرى ورجعت الى الوطن (لم تكن السبب
الوحيد ) وعشت وشفت أن راتبي يساوي طبقة
بيض واحدة أو أكثر بقليل وأن بعض الموظفين باعوا شبابيك وبوب بيوتهم.
ــ أما في جانب الخيار الديمقراطي الحر فقد جائني أحد الرفاق الصغار ذات يوم ودق الباب في
الصباح الباكر وقال إنه يوم البيعة الكبرى للرئيس القائد حفظه الله والشعب والحزب
برمته سيزحف للبيعة ولما رآني لم استوعب
الموضوع وأفرك بعيني همس في أذني وقال : تعال ترى المايجي ينشعل
والديه .
ــ في النصف الأول من الثمانينات كنت في
إيفاد لبيع الفوسفات في سري لانكا وأثناء
مروري بالسفارة وكانت صغيرة وقليلة العدد جاء أحد محرري الصحف المحليين ليطالب بأتعابه .
وبعد أن خرج سألتهم : هل تقومون بإعلانات في
هذه البلاد النائية
قالوا لا
: نحن نطلب من هذا المحرر أن يكتب في مدح الرئيس القائد وبعد النشر يأتي
ليتسلم مكافئته .
سألت : وما ذا تفعلون بالمقال ؟
قالوا : نبرقه كخبر الى بغداد بأن الصحيفة
قالت كذا وكذا
عندما رأوا دهشتي قالوا نحن أقل سفارة نفعل هكذا شغلة أما سفاراتنا في البلاد العربية ولندن
وغيرها فكيسها مفتوح ومكافئاتها هائلة وإستغربوا جهلي .
ــ في الأيام الأولى لغزو العراق الكويت كنا
في السفارة العراقية في موسكو بخفارة وإنذار 24 ساعة وكانت تزورنا مجموعات صغيرة من الروس المؤيدين
للغزو حيث يخرج السفير وأركان السفارة لشكرهم
ومجموعات أخرى من الروس المناهضين للغزو حيث يخرج الشباب لهم بالتواثي
(العصي ) .
عدا ذلك كان من أوائل الزائرين للسفارة الروسي المثير للجدل فلاديمير جيرينوفسكي حيث أعلم السفير أن أتباعه
يحاصرون السفارة الأمريكية في موسكو .
بعث السفير أحد موظفي السفارة ليستطلع حقيقة
الموقف فرجع وأخبرنا أن هناك بحدود ستة أو سبعة أشخاص في نهاية الشارع الخلفي
المؤدي للسفارة الأمريكية وقد يرون ظهرها أو لايرون
ومع ذلك إستمر جرينوفسكي بزيارة السفارة
يوميا لنقل أخبار الحصار وإستمرت السفارة بنقل أخبار الحصار الى بغداد ولربما دفع مبالغ السندويتشات والماء
الى الأبطال المحاصرين حسب طلب جرينوفسكي .
وبعد هذه الاستراحة السريعة مع الديمقراطية
والدكتاتورية نعود الى صلب الموضوع .
تتعرض الديمقراطية هذه الايام الى إستغلال فاضح من قبل المرشحين
لمجلس النواب لسعة صدرها وإنتقاد واسع
إختلط بانتقاد اوضاع سيئة ليس من صنعها .
وللتوضيح هناك ثلاث فئات ترتفع أصواتها في هذا
الإطار :
1 – الفئة المسحوقة ممن ينطبق عليهم القول :
لقمة الشبعان على الجوعان بطيّة وهؤلاء معذورون و خطيتهم في رقبة الطبقة السياسية الفاسدة التي إنتخبوها على أساس طائفي أو عرقي أو ديني أو
رشوة بالمال والوعود . وعلى الحكومة
وفاعلي الخير وجمعيات الشباب المتطوع مساعدتهم وسد حاجاتهم .
2 – الفئة المتضجرة : وهذه الفئة ملازمة
للديمقراطية في كل زمان ومكان لأن الإعلام الحر بصورة أساسية تحت الديمقراطية يركز
على السلبيات وليس الايجابيات ويفضح المستور سعيا وراء تحقيق الديمومة و الإنتشار
ويشحن المجتمع ضد السلبيات وعليه ليس من الصعب سماع المطالبة والشكوى من أي فرد في الجمهور . قال ونستون تشرتشل : أفضل كلام ضد الديمقراطية يكون في خمسة دقائق من
الحديث مع الناخب العادي .
The best argument against democracy is a five minute conversation with
the average voter .
3 - الفئة الجاحدة
وهذه الفئة تدعي أن العراق في ضياع وهي تذرف
الدمع مدراراً و تبحث يمينا وشمالا عن المنقذ.
* العراق تجاوز عنق الزجاجة فمن أراد أن يبكي على الأطلال فليبكي ومن أراد
تدمير معنويات الناس نقول له إن فعله هذا
يمهد لظهور أخوات داعش .
* من
يعشق الدكتاتورية فليحذر الهاوية لأن
الدكتاتور شخص عبقري بالمقلوب وعادة ما يكون ذكيا وقويا وجسورا وذي كاريزما ولكنه
غير سوي إذ يبدأ بتصفية رفاقه ليكون الأوحد وبعد ذلك تبدأ رحلة الموت والخنوع
والذل والهوان للرعية والتجربة المحلية والعالمية أكبر دليل .
* من يعشق المحاصصة فليتذكر ما فعلته بالعراق
وليسمع ما فعلته في لبنان ويكفينا شرّه
صبرا بني وطني مع الديمقراطية الحقّة رغم
كثرة مساوئها وبطأ دوران عجلتها فإنها تتحسن مع تطور الفكر والإدراك والسلوك وتصل بالبلدان الى الرقي ولو بعد حين .
(الديمقراطية أسوأ نظام حكم ولكنها أفضل من كل أنظمة الحكم الأخرى )
Democracy is the worst form of government except for all others .
Winston Churchill