Friday, October 27, 2017

بغدادي وأربيلي






بغدادي وأربيلي إن حبكما عصيُّ على صروف الزمان

اليوم وبعد أن  إنحسرت أمواج الحر القائض الى غير رجعة ، خرجت الى منتزه أربيل (سامي عبد الرحمن ) هذا الصباح لأستأنف روتين نزهتي  في الخريف والشتاء والربيع .
وما أن دخلت غابات هذا المنتزه حتى غمرتني رائحة الأرض والأعشاب الندية .... الله كم كانت زكية .
أشجار السبحبح ودعت أوراقها وبانت أحمالها كعناقيد من حبات كهرب بهية .
شجيرات الورد على جوانب الطرقات ومشاتل الورد جادت بآخر حملها من الأزهار وبكل الألوان الجميلة وتنسم عطر الجوري حول جنباتها ليسمو بنظر وشم الزائر الى أعالي عوامل المتعة والجمال .
الطيور الساكنة في المنتزه كانت أقل زقزقة وتغريدا وهديلا من أيام الربيع فالخريف يفضي الى سبات والربيع يحتضن فورات البراعم ومناسك الغزل  وبناء الأعشاش وتكوين الأسر.

قصدت نصب الجواهري في أحد أركان المنتزه وتمعنت النظر في عمل الفنان الذي نسج أبا فرات من قطع البرونز بعرقجينه العراقي المعهود، طاف خيالي بصور العراق من الهور الى السهل إلى الصحراء وإلى الجبل وراح لساني ينشد دون وعي :
سلام على هضبات العراق .... وشطَّيه والجرف والمنحنى  
سلام على باسقات النخيل ....  وشمُّ الجبال  تشيع  السنا
إستفقت  على حرارة هطول الدمع مدرارا من مقلتي فمسحته متلفتا حوالَيَ آملا أن لا يكون أحدهم قد إسترق النظر إلي وما أصعب على المرء من دموع الرجال

هربت مستجيرا الى المكان الذي  تصورت أني رأيت فيه ماردة أربيل في مثل هذا الوقت من العام الماضي في هذا المنتزه عند النوافير .
للأسف لم تكن النوافير عاملة هذا اليوم ولم تتشكل لي منها صورة الماردة كما حصل في العام الماضي ومع ذلك ناجيتها  بعد الله خاشعا :
أيتها الماردة المصنوعة من قطارات ماء النوافير ... سيرّي أرتال طيور المنتزه عبر السماء الزرقاء الصافية وحمّليها رسائل الحب من جارة الجبل الى أم البساتين ........

  

No comments:

Post a Comment

صفقة القرن ة وعظمة القصاب

في أوائل القرن الماضي كان حلاق المحلّة يقوم بأعمال الطبيب إضافة الى وظيفته. ذات يوم أصيبت عين قصاب المحلة بجزيئة فُتات عظمة إستقرت ف...