يوم سافر حسن الى لندن
بدأ الأقرباء والجيران والأصدقاء يتقاطرون رجالا ونساءا وشباب على بيت أبو حسن في قرية
البكرلي القريبة من الحلة وبابل القديمة أوائل عصر يوم أيلولي جميل من عام 1962 .
مد ت البسط وسجاد الجلوس والحصران تحت أشجار
النخيل الكثيفة أمام الدار حيث جلس الرجال ومدت مثلها في باحة الدار حيث جلست النساء .
كانت أم حسن بين
النساء تبكي وتردد لماذا تتركني ياحسن .. منو عايش منا لخمسة سنين وتقول للحضور : كان يريد يروح ثمان سنين (مدةالمحاسبةالقانونية) بس
آني دزيت أولاد خالته وجابوه بالقوة من المقابلة ... بعدين هو هم قدم على الطب
العسكري في بغداد بس ما يرضى ينتظر يكول تعاركت مع الزعيم رئيس اللجنة ...
إحدى الحاضرات :
عيني أم حسن خمس اسنين فتح غمض ولنا جاي يلله إسكتي اليوم مال فرح مو بجي (بكاء ) .
إحدى الشابات من الأقارب : خالة إحنا اللازم نبجي خسرنا
الولد للإنكليزيات .
شابة أخرى : خالة تعلمي إنكليزي هسة يجيب الج (لك)
إنكليزية وياه .
خارج الدار أصبح هناك مجلس كبير من المودعين وفي أجواء حرية الرأي في زمن حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم بدأت مناقشة أمور ذلك الزمان
الإجتماعية والسياسية .
أحد الحاضرين يسأل حسن : البعثة مفتوحة لكل الطلبة العراقيين ؟.
حسن : كل طالب حصل على معدل 75 فما فوق في امتحان
البكلوريا (الاعدادية)
ممكن يروح بعثة .
آخر : حتى اليهود
حسن : اليهود لا
آخر : زين ما
يستاهلون .
آخر : مو صحيح همه عراقيين المفروض حالهم حال الآخرين .
أبو حسن : للحضور تذكرون ياجماعة ترى الناس كانوا مثلنا
. حتى أنه عند ولادة حسن أصيب بحمى شديدة وقد فقدنا الأمل ولكن الله يذكره بالخير إذا
عايش الطبيب اليهودي بالديهديوة بالحلة هو اللي أنقذ حياته .
آخر : كانو ناس طيبين بس الصهيونية والمايخافون الله
هججوهم .
آخر يغيير
الحديث : ياجماعة ترى حكومة الزعيم مامقصرة ويانه بهه البعثات.
آخر : الزعيم
الله يخليه لو بس مانعهم من قتل فيصل، الملك زغير وبعده كلشي ما شاف .
أحد المسنين : يا جماعة يجي يوم تبجون (تبكون ) على فيصل
مثل ما تلطمون وتبجون على الحسين .
آخر ينادي حسن
لبعده عنه : حسن إنت ليش ما إختاريت الدراسة بالاتحاد السوفيتي هذولة وصلوا للفضاء
والإنكليز إنتهوا وغابت شمسهم .
آخر يتداخل : لا تخاف على أبو ناجي ( أبو ناجي كنية
إبتدعها العراقييون لتسمية الإنكليز بعد دخولهم العراق خلال الحرب العالمية الأولى) .
آخر يتداخل : هذولة الشيوعيين بس يتمرض واحد منهم وعند
فلوس ما يروح الى موسكو تلكاه رايح كبل على لندن عمي حسن فوت ابفالك بس دير بالك
أبو ناجي ما يتأمن .
أحد المسنين وخوفا من أن يحتد الجدل : ياجماعة آني من
أباوع (أنظر ) الى الطيارة بالسما أشوفها بحجم الغراب ... زين هذي إذا خربت
مكينتها شلون .
حسن : جدي العزيز وياهم فيترجي (ميكانيكي ) يطلع ويكعد
على الجنح ويصلح المكينة .
الرجل المسن : ينفجر ضاحكا من جواب السؤال الذي إبتدعه
ويغرق في نوبة من الضحك والسعال ....
يعود الحديث الى سياقه في التهنئة والكلام عن سفر حسن .
يتقدم على القرية باص كبير وبعض السيارات الصغيرة قبيل الغروب بساعتين أو نحو ذلك ... يذهب اليها الشباب و الرجال (بعضهم بصحبة أطفالهم ) الراغبين في توديع حسن حتى مطار المثنى في
بغداد... يصعدون السيارات ويصعد حسن وتخرج النسوة من الدار بين مهلهلة وباكية وينطلق
الركب نحو بغداد تاركا البكرلي لتعود وتنام في أحضان بساتين النخيل.
البكرلي - الحلة - بابل
No comments:
Post a Comment